نظم المركز ندوة علمية عن بُعد ضمن موسمه الثقافي، تناولت موضوع حفظ وترميم مواد التراث الثقافي بمؤسسات المعلومات: السياسات والممارسات، بمشاركة عدد من المتخصصين والمهتمين بمجالات التراث والمكتبات والأرشيفات.
وتحدث في الندوة الدكتور محمود عبد الناصر إبراهيم، الباحث بمكتبة الأزهر الشريف، حيث أكد أن مؤسسات المعلومات في العالم العربي تضم رصيدًا كبيرًا من مواد التراث الثقافي، لا سيما المواد العضوية مثل الورق والجلود، والتي تُعد من أكثر المقتنيات عرضة للتلف، نظرًا لطبيعتها التي تشجع على التآكل وانفصال الأوراق وتدهور الأغلفة الجلدية والوثائق بمرور الزمن.
وتناول أبرز عوامل تلف المواد التراثية، مشيرًا إلى العوامل البيئية والكيميائية، ثم توقف عند عامل التلف البشري باعتباره من أخطر أسباب التدهور، سواء الناتج عن سوء التداول أو الاستخدام غير السليم أو التخريب. وقد دعمت الندوة هذا المحور بعرض صور توضيحية خلال العرض التقديمي، عكست بوضوح حجم الأضرار التي يمكن أن تلحق بالمخطوطات والوثائق نتيجة الممارسات الخاطئة.
كما استعرضت الندوة عددًا من السياسات والإرشادات الخاصة بحفظ مواد التراث الثقافي، من بينها آليات التعامل المؤسسي مع حالات التخريب والسرقة، ودور مجموعات التوثيق في حماية المقتنيات التراثية، وأهمية زيادة الإنفاق على الأوعية التقليدية إلى جانب مواكبة التحول الرقمي، بما يسهم في الحد من مظاهر التلف وضمان استدامة الحفظ.
وتطرّق المتحدث إلى دور النظم الرقمية في دعم جهود الحفظ وتقليل معدلات التدهور، مع التأكيد على ضرورة تحقيق التوازن بين الحفظ المادي والإتاحة الرقمية، بما يعزز قدرة المكتبات ومؤسسات المعلومات على الاستمرار في ظل سوق خدمات المعلومات المتغير.
كما تناولت الندوة أهمية إتاحة مواد التراث الثقافي وتسجيلها في السجلات والمواقع الدولية المعنية بالتراث، وعلى رأسها سجل «ذاكرة العالم»، مشيرًا إلى أن هذا السجل يشهد سنويًا إعلان المقتنيات والوثائق التي يتم اعتمادها عالميًا، بما يسهم في حماية التراث، والتعريف بقيمته الحضارية، وضمان الاعتراف الدولي به.
واختُتمت الندوة بالتأكيد على أن حفظ وصون التراث الثقافي مسؤولية مؤسسية وعلمية مشتركة، تتطلب وعيًا بالسياسات، والتزامًا بالممارسات السليمة، وتعاونًا بين المتخصصين، حفاظًا على ذاكرة الأمة وهويتها.