تأليف: د. حسن بن محمد بن علي آل ثاني
صادر عن: مركز حسن بن محمد للدراسات التاريخية – 2025
اعتمد المؤلف منهجية “الدوائر الثلاث” لفهم التوزيع الجغرافي والتاريخي لمناطق الخليج، كما ظهرت في الخرائط الأوروبية، وقدم تصورًا كارتوغرافيًا غير مسبوق لتطور شكل الخليج من خريطة بطليموس في القرن الخامس عشر إلى خرائط المسح البحري، كما جعل المكان مسرحًا للحوادث التي مرت على الخليج والصراعات بين القوى الأجنبية فيه.
1. الدائرة الأولى – مدخل الخليج:
- الجانب الفارسي: حيث بدأ بجزيرة هرمز وما حولها، وجزيرة لارك، بندر عباس، قشم، بندر لفت، جزيرة هندرابي، بندر لنجة، جزيرة قيس، بندر شارك، جزيرة شيخ شعيب، بندر عسلو، سيراف (ميناء طاهري)، وكونجون.
- اما الجانب العربي المقابل فهو منطقة الصير: وتشمل سواحل ما يُعرف اليوم بدولة الإمارات العربية المتحدة، بينما الخرائط تناولتها بأسمائها آنذاك وهي: رأس الخيمة (جلفار)، جزيرة الحمرا، أم القيوين، عجمان، الشارقة، دبي، أبو ظبي.
وقدم لنا المؤلف ببراعة في هذه الدائرة من خلال مسرد تاريخي استنادًا إلى المواقع الجغرافية التي وردت في الخرائط.
2. الدائرة الثانية – رأس الخليج:
تشمل هذه الدائرة مواقع متعددة على رأس الخليج من الجانبين الشرقي والغربي، منها:
بوشهر، بندر ديلم، جزيرة خارج، عبادان، البصرة، ميناء الكويت (كورمانوس)، وجزر فيلكا وبوبيان.
وقدم لنا المؤلف في هذه الدائرة معلومات تاريخية استنادًا إلى المواقع الجغرافية التي وردت في الخرائط.
3. الدائرة الثالثة – وسط الخليج:
تشتمل هذه الدائرة على ما كان يُعرف تاريخيًا بـإقليم بلاد البحرين، الذي عرف عدة حواضر أهمها: هَجَر، الأحساء، القطيف، لذلك سُمّي الخليج بهذه الأسماء أحيانًا.
ويستعرض المؤلف انتقال الثقل من الداخل إلى الساحل، وتشكل مشيخات الخليج، حيث برزت منطقة “الخط” التي تمتد من جنوب الكويت مرورًا بالقطيف ورأس تنورة، ثم إلى شبه جزيرة قطر، وجزيرة البحرين (أوال).
وقدم لنا الدكتور حسن بن محمد في هذه الدائرة معلومات تاريخية استنادًا إلى المواقع الجغرافية التي وردت في الخرائط، وشملت المدن والمناطق القديمة الأسطورية مثل الجرهاء أو جرعا، ثم المسميات التالية كهَجَر، الأحساء، القطيف، دارين، وهي ما عرف أيضًا بمنطقة الخط، واشتملت على شبه جزيرة قطر، جزيرة البحرين.
لقد اعتمد المؤلف على عدد من كتب الرحالة وتقارير البحارة الاجانب الذين أتوا إلى المنطقة وقدموا وصفًا لها، فجمع بين أدب الرحلات والوصف الجغرافي وأعمال المسح البحري.
وقدم توليفة لفهم تغير المسميات، وفسّر أسباب تأخر عملية المسح البحري للشاطئ الغربي من الخليج، معتبرًا أن ضحالته منعت السفن الأوروبية الضخمة من الاقتراب، خصوصًا في منطقة شبه جزيرة قطر، التي تحيطها الشعاب المرجانية وضحالة المياه، مما أعاق جمع معلومات دقيقة عنها.
يُعد هذا الكتاب مساهمة غير محورية في إعادة قراءة تاريخ الخليج من خلال عدسة الخرائط الأوروبية، بما تحمله من أبعاد معرفية تتجاوز التوثيق البصري إلى تحليل سياسي واقتصادي للمنطقة.
لقد أتاح للمؤلف الجمع بين التفسير الجغرافي والتحليل التاريخي في إطار علمي دقيق، ما منح الخرائط وظيفة تتجاوز الوصف إلى أن تكون مفتاحاً لفهم التحولات التي مرّت بها المنطقة.
كما شرح قراءاته من خلال ما رسمه من خرائط أعدها ليقرب الفهم بين الحاضر والماضي
من خلال هذا العمل، يتجلى كيف شكّلت معرفة الأوروبيين بالجغرافيا البحرية مدخلاً لفهم أهمية الخليج لهم، كما تُبرز الدراسة كيف أن استراتيجية الموقع ساهمت في تشكيل التفاعل مع القوى الخارجية.
ويتيح هذا الكتاب للقارئ فرصة نادرة للاطلاع على مجموعة من الخرائط الأوروبية القديمة، كثيرٌ منها يصعب الوصول إليه أو الاطلاع عليه في المراجع التقليدية، مما يعزز من قيمة الكتاب كمصدر بصري وتوثيقي يعين الباحثين والمهتمين بتاريخ الخليج العربي.
إن ما يميز هذا الجهد، إلى جانب قيمته العلمية، هو قدرته على تقديم مادة مرجعية بلغة سلسة ومنهجية متماسكة، تفتح المجال أمام أبحاث جديدة في مجال الجغرافية التاريخية لحوض الخليج وبلدانه.