في إطار مشروع المركز لترجمة وإتاحة الوثائق الخاصة بتاريخ قطر ودول الخليج العربي في الأرشيفات المختلفة، والتي بدأها بنشر كتاب "مختارات من وثائق حكومة بومباي"، ثم المجلد الأول من مختارات الأرشيف الوطني بدلهي، والذي تناول السنوات (1840-1871)، أصدر المجلد الثاني من هذه السلسلة، بالتعاون مع دار جامعة حمد بن خليفة للنشر، والذي يحمل بين دفتيه ترجمة الوثائق التي تخص قطر ودول الخليج العربي وعلاقتها بالقوى المختلفة الدولية والإقليمية والمحلية في الفترة (1872-1875)، كما رصدتها تقارير حكومة الهند البريطانية. والتي تتضمن مراسلات وبرقيات ومكاتبات متبادلة بين المقيميين والوكلاء، وقادة السفن التابعة للبحرية الهندية، ورؤسائهم في وزارة شؤون الهند والخارجية البريطانية بلندن، فضلًا عن رسائل شيوخ المنطقة وتجارها. وتتضمن كذلك جوانب من أحوالهم وردود أفعالهم، وتفاعلاتهم مع الوقائع والأحداث التي مروا بها، خاصة أن بعضهم شارك في هذه الأحداث أو كان شاهد عيان عليها، ولهذا فإن موضوعاتها تتنوع ما بين السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وغيرها.
يغطي هذا المجلد فترة حيوية في تاريخ قطر والخليج العربي، والتي بدأت بوصول الحملة العثمانية إلى المنطقة في سنة 1871، ومن ثم يوضح موقف السلطة البريطانية في الخليج من الوصول العثماني للمنطقة، إذ جاءت القوات العثمانية إلى الأحساء والقطيف، بناء على دعوة عبد الله بن فيصل بن تركي للوقوف إلى جانبه ضد أخيه، وتبع ذلك وجود حامية عثمانية في قطر، وتخوف بريطانيا من تفكير العثمانيين في ضم البحرين، وتوجيهات الحكومة البريطانية إلى إحالة القضية للتحكيم، وخاصة بعد لجوء سعود بن فيصل إلى البحرين، وتحركات السفن العثمانية في الخليج، والحاميات والمؤن التي كانت ترسلها من البصرة والكويت إلى حامياتها في الأحساء والقطيف وقطر، وتحركات بعض القوات العثمانية من الحجاز إلى نجد، ومن ثم تبين هذه الوثائق الموقف البريطاني من هذا الوجود، ومن مواقف حكام المنطقة تجاه العثمانيين، وخاصة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، الذي ساند الوجود العثماني انطلاقًا من عقيدته الإسلامية من ناحية، وللتخلص من اطماع بريطانيا في قطر من ناحية أخرى. كما تسلط وثائق هذا المجلد الأضواء على مراحل انهيار الدولة السعودية الثانية.